عمان-حلّقت الروائية الليبية عائشة الأصفر في سماء الإبداع العربي، متوجةً بـ جائزة "القدس للمرأة العربية للإبداع الأدبي" لعام 2025 عن روايتها "إيشي". العمل الذي وصفته الأصفر بأنه "مرآة لوجع الإنسان الليبي والعربي وصرخة ناعمة ضد العنف والإقصاء". الخبر الذي يأتي من فلسطين يحمل، بحسب الأصفر، معنى يتجاوز الفوز الأدبي إلى "عناق لفلسطين بكل تاريخها وأزقتها ومخيماتها". جائزة القدس ورمزية الانتصار للإنسان المهمش في حديثها لوكالة الأنباء الليبية، أكدت عائشة الأصفر أن اسم الجائزة يمثل تشريفاً يحمل أبعاداً قدسية وثقافية تعمّق رمزية التكريم. وأوضحت أن لجنة التحكيم أشادت بـ "الموضوع الإنساني لرواية إيشي وقوة بنائها الفني"، مشيرة إلى أن الرواية التي تترك أثرها في ذهن القارئ هي التي تمسّ جوهر الإنسان، وشددت على أن محليّة إيشي ليست سوى نموذج لكل محليّات العالم، وأنها رواية الإنسان المهمّش في كل المجتمعات. رواية "إيشي": رحلة بين الجغرافيا والتاريخ الليبي تأخذ رواية "إيشي" القارئ في رحلة تمتد عبر صفحاتها الثلاثمائة، من طرابلس إلى سبها في حافلة، بين شخصيتين رئيسيتين: "احبيب"، أستاذ الجغرافيا، و"إيشي"، أستاذة التاريخ. وتتشابك في هذه الرحلة الأزمنة والجغرافيا والوجدان الليبي. وكشفت الكاتبة الليبية أن الاسم نفسه "إيشي" هو اسم إثيوبي تنكّرت به بطلتها الليبية "عائشة باكوري"، التي اضطرتها الحرب في مرزق إلى النزوح والعمل خادمة؛ الأمر الذي يجعله يحمل دلالة مزدوجة على الهوية والاغتراب. وأكدت الأصفر أن الروائي لا ينفصل عن واقعه، بل يتأثر به ويحمله معه في كل ما يكتب. دور الأدب في المقاومة وتأثير الصحراء أشارت عائشة الأصفر إلى الحضور الدائم للصحراء في كتاباتها، كونها تمثل عمق المجتمع الليبي مساحةً وتاريخاً، وقالت: "أنا ابنة كل ليبيا؛ تشربت مبكرًا المد القومي ووحدة المصير العربي". وعن دور الأدب في مواجهة التهميش والعنف، رأت الأصفر أن "ليست مهمة الروائي الوعظ، لكنه يستفزّ القارئ ليتّعظ"، مضيفةً أن الأدب "حالة مقاومة داخلية، صراع بين الكائن وذاته وبين الإنسان ومحيطه". المرأة المبدعة: الإبداع إنساني أولاً وفي رؤيتها لموقع المرأة المبدعة، أكدت الكاتبة عائشة الأصفر أن "الإبداع الجيد يفرض نفسه ولا يحتاج إلى اعتراف"، مشددة على أن "الإبداع إنساني أولاً وأخيراً". ووصفت الأصفر المرأة في رواياتها بأنها "قوية رغم الألم، صامدة رغم الانكسار"، وأن مهمة الأدب "ليست تحرير أحد، بل التعبير عن الجمال حتى في الألم والحزن". وفي ختام حديثها، وجهت الأصفر رسالة للمرأة العربية بضرورة إدراك أن "لا توجد قضية منفصلة تخصّها، بل قضية إنسان وأزمة عقل". وختمت بتوجيه تحية إلى فلسطين والقدس، مؤكدة أن الشعب الفلسطيني "أكثر شعوب المنطقة تأهيلاً لقيام دولة حقيقية ديمقراطية ونهضوية حديثة"، وأن الجائزة القادمة من القدس هي جسر ثقافي وإنساني يربط الإبداع العربي بروح المقاومة والجمال.