القاهرة- كشف الروائي المصري محمد سمير ندا، الفائز مؤخرًا بالجائزة العالمية للرواية العربية "البوكر" 2025 عن عمله "صلاة القلق"، عن مشاعر مختلطة تلت هذا التتويج الأدبي الرفيع. وعلى الرغم من سعادته الغامرة بهذا الإنجاز الذي يجعله ثالث مصري يحصد الجائزة في تاريخها، بعد قامات مثل بهاء طاهر ويوسف زيدان، إلا أن نبرة القلق والحزن خيمت على حديثه، مشيرًا إلى محاولات "لسرقة الفرحة" منه، على حد تعبيره. الجدل بدأ فور إعلان الجائزة حول مضمون الرواية قبل أن يتاح للجمهور فرصة الاطلاع عليها. الأمر لم يتوقف عند ذلك، بل امتد ليشمل هجومًا شخصيًا على الكاتب، وهو ما دفع "الأهرام" وغيرها من المنابر الثقافية إلى التصدّي لهذه الحملة. مشاعر مختلطة بعد التتويج والرد على الهجوم لدى عودته إلى القاهرة، وخلال زيارته لجريدة "الأهرام"، عبّر ندا عن اعتقاده بأن سبب الهجوم الذي طاله يعود إلى كونه "من كُتاب الظل وليس كتاب الأضواء"، مما يجعله هدفًا سهلاً لمن وصفهم بـ "الذين يودون أن يسرقوا الفرحة أو ينسبوها إلى آخر". وتساءل بمرارة عن دوافع هذه الحملة، هل هي مجرد "غل ذاتي" أم أنها تخدم "هدفًا آخر"؟. أبدى ندا استياءه الشديد من أولئك الذين اتهموا روايته بمهاجمة مصر وحرب أكتوبر دون حتى قراءتها، معتبرًا ذلك محاولة "لصنع مشكلة" له مع الدولة. وأكد بحسم استحالته مهاجمة وطنه أو إنكار نصر أكتوبر، واصفًا هذا الكلام بـ "الساذج". نقد "انتحار الناقد" والدوائر المغلقة في سياق الحديث عن النقد الأدبي، أكد ندا على أهميته وضرورته، لكنه استنكر بشدة "انتحار الناقد" الذي يكتب عن عمل أدبي دون أن يكلف نفسه عناء قراءته. ودعا النقاد إلى قراءة الرواية أولاً، ثم "سلخه" بالنقد كما شاءوا، مؤكدًا على احترامه للنقد الأدبي البناء. وكشف ندا بصراحة مؤلمة عن "الدوائر المغلقة" التي تحكم المشهد الثقافي، حيث تسود المصالح المتبادلة والمجاملات، مشيرًا إلى قلة المقالات النقدية التي تناولت روايته قبل فوزها بالجائزة. وتمنى أن يضطلع النقاد بدورهم الحقيقي بمنهجية واضحة، بدلًا من الاكتفاء بما "قالوا له" دون قراءة متعمقة للعمل. مصرية الرواية وتصفية الحسابات في معرض رده على سؤال حول ما إذا كانت الحملة ضده مدفوعة بأغراض شخصية من قبل البعض في الوسط الثقافي، لم ينف ندا وجود "شعور بالاستحقاقية" لدى البعض. لكنه أكد رفضه تصديق ما قيل له عن وقوف أسماء بعينها من الكتاب وراء "شن الحملة على الرواية وتخوين كاتبها". وأكد على صداقته واحترامه لهؤلاء الأشخاص، معلنًا أنه لن يبحث أو يتحرى عن أي أدلة في هذا الشأن، لأنه ببساطة "لا يريد أن يصدق" و "لا يريد أن يفقد ثقته في هذا العالم أكثر". ردًا على محاولة البعض التقليل من "مصرية" الرواية بحجة صدورها عن دار "مسكيلياني" التونسية، استنكر ندا هذا المنطق، متسائلاً: "هل تعد 'أولاد حارتنا' لنجيب محفوظ رواية لبنانية لأنها نُشرت في لبنان؟!". واستعرض بالأرقام أسماء 11 فائزًا سابقًا بالبوكر نشروا رواياتهم عن دور نشر خارج بلادهم، مؤكدًا أن هذا الأمر لا ينتقص من قيمة العمل أو جنسيته الأدبية. وأشار إلى أن البعض حاول استخدامه لتصفية حسابات مع دور النشر المصرية، لكنه أكد أنه لا مشكلة لديه مع من رفض الرواية، بل مشكلته مع من لم يرد عليه أصلًا. الرواية الجديدة: محاكمة الضمير الإنساني في ختام اللقاء، كشف ندا عن بعض ملامح روايته الجديدة التي يعكف على كتابتها. أوضح أنها تدور حول محاكمة الضمير الإنساني من خلال أفعال البشر التي تتعارض مع "تعمير الأرض". وتتنقل الرواية عبر مراحل تاريخية مختلفة، وتدور أحداثها بين مصر والعراق وفلسطين وتركيا.