ضيف الشرف

الكاريبي: ثقافة عابرة للقارات تحلّ ضيف شرف على معرض أبو ظبي الدولي للكتاب 2025

أبوظبي-يواصل معرض أبوظبي الدولي للكتاب في دورته الرابعة والثلاثين انفتاحه على الثقافات العالمية، مسلّطاً الضوء على ثقافة الكاريبي ضمن برنامج “ضيف الشرف” لهذا العام..

وفي مبادرة تحتفي بأحد أكثر المشاهد الأدبية والفكرية والفنية تنوعاً وثراءً في العالم؛ فالكاريبي، بأرخبيله المكوّن من أكثر من 700 جزيرة، ليس مجرد منطقة جغرافية، بل بوتقة ثقافات وذاكرات وصراعات، وصوت أدبي لا يُشبه سواه.

أدب الكاريبي: صوت الهوية والشتات

ينتمي الأدب الكاريبي إلى ما يمكن تسميته بـ”الأدب المركّب”، حيث تتقاطع فيه اللغات الأوروبية (الإنجليزية، والفرنسية، والإسبانية، والهولندية) مع اللهجات الكريولية، وتتشابك فيه مواضيع الهوية، والعبودية، والاستعمار، والنضال، والمنفى، والحنين؛ إنه أدب شعوب دفعت ثمن موقعها الاستراتيجي على خارطة العالم عبر قرون من الاستغلال، لكنه أيضاً أدب الحلم، والنهضة، والحرية، والتجذر في الذاكرة الحية.

من والكوت إلى لويس: قامات كاريبية في سجل نوبل

برزت أسماء أدبية وفكرية كبرى من منطقة الكاريبي، استطاعت أن تحجز لنفسها مكاناً مرموقاً في سجل جائزة نوبل العالمية؛ من أبرز هذه الأسماء الشاعر ديريك والكوت، الذي نال جائزة نوبل للآداب عام 1992، والروائي ف. س. نايبول، الحائز عليها عام 2001..

 كما تُعد الكاتبة ماريز كوندي من أبرز المرشحين الدائمين للجائزة، وقد حصلت على الجائزة البديلة لنوبل عام 2018، وإلى جانبهم يبرز اسم إيمي سيزير، أحد مؤسسي حركة الزنوجة، والمفكر الشاعر إدوارد غليسان، الذي ساهم في تجديد الفكر ما بعد الكولونيالي.

ولا يقتصر حضور الكاريبي في نوبل على الأدب، بل يشمل أيضاً الاقتصاد، حيث حصل الاقتصادي ويليام آرثر لويس، من سانت لوسيا، على جائزة نوبل في الاقتصاد عام 1979، تقديراً لإسهاماته الرائدة في اقتصاديات التنمية.

تُجسّد هذه الأسماء ثراء الثقافة الكاريبية وتعدديتها، إذ لا تعكس كتاباتهم وأفكارهم واقع جزرهم فحسب، بل تعبّر عن رؤى إنسانية تتجاوز الجغرافيا، وتطرح أسئلة عميقة عن الهوية، والعدالة، والحرية.

حين تهمس الجزر للشرق: حوار كاريبي عربي

استضافة الكاريبي هذا العام في أبوظبي ليست مجرد دعوة للاطلاع، بل تثبيت لعلاقة ثقافية كانت تتشكّل بهدوء منذ عقود؛ فرغم البعد الجغرافي، تتقاطع التجارب الكاريبية والعربية عند مفاصل كثيرة، مثل الاستعمار والشتات والهوية المهدّدة والوطن ومآلات ما بعد الاستقلال، هذه الموضوعات هي عماد الأدبين العربي والكاريبي، ما جعل الترجمة أداة فعالة لمدّ الجسور.

شهدت السنوات الأخيرة نمواً في ترجمة الأدب الكاريبي إلى العربية، لا سيما أعمال نايبول، وغليسان، وكوندي، ووالكوت، وجين ريس، وغيرهم، وقد أسهم هذا الحضور في بلورة وعي عربي جديد تجاه أدب “الهامش”، الذي يُعيد مساءلة المركز ويكشف عمق الهويات المتعددة في زمن العولمة.

كلمة أخيرة: أدب عالمي بلا حدود

اختيار الكاريبي ضيف شرف لمعرض أبوظبي الدولي للكتاب 2025 هو احتفاء بالتنوع والاختلاف والانفتاح، لا بوصفها شعارات ثقافية، بل بوصفها قضايا وجودية تعيشها شعوب العالم؛ إنه تكريم لأدب يُعيد للعالم أصواته المنسيّة، ويسائل المفاهيم السائدة، ويمنح الآخر المختلف فرصة الحضور والتأثير.

تقدّم هذه الخطوة فضاءً رحباً لمدّ جسور التعاون بين صنّاع النشر من العالمين العربي والكاريبي، عبر الترجمة والتوزيع وتبادل الحقوق، مما يسهم في إثراء المشهد الثقافي المشترك وتعزيز الحضور المتبادل في الأسواق العالمية، كما أنها فرصة ثمينة أمام القارئ العربي والباحث والمترجم للاطلاع على تجارب أدبية تشبهنا في عمقها، حتى وإن بدت مختلفة في مظهرها،

فكما قال الكاتب الكاريبي إدوارد غليسان: “العلاقة هي التي تُنتج الهوية، لا الأصل الواحد”.


اكتشاف المزيد من أخبار معارض الكتب

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

اكتشاف المزيد من أخبار معارض الكتب

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading