الروائي المغربي عبد المجيد سباطة: المؤثرون “خطر” على الكتابة
طنجة (بي إف نيوز)- قال الروائي المغربي عبد المجيد سباطة إن “طرح جدوى الكتابة هو سؤال يؤرق الرعيل الجديد من المبدعين والكتّاب، في ارتباطه بتفاصيل عديدة اجتماعية واقتصادية وفكرية ومؤخرا تكنولوجية”، مبرزا أنه “بالنسبة للكاتب المغربي المنتمي إلى هذا الجيل، فإنه يواجه تحديات جمة في واقع مجتمعي استشرت فيه البطالة في صفوف الشباب وحاملي الشواهد”.
وأضاف مؤلف رواية “ساعة الصفر”، الفائزة بـ”جائزة المغرب للكتاب” لعام 2018 عن صنف السرد، أنه “ليس ثمة من معنى أن يعاني شاب من البطالة ويراهن على الكتابة، التي نعلم جميعا أنه من غير الممكن أن يعوّل عليها أحد كمصدر للعيش في المغرب وفي المنطقة بشكل عام”، مشيرا إلى أن “نظرة المجتمع بدورها تطرح إشكالات في هذا الجانب، وقد تبدأ الحكاية من الأسرة الصغيرة، أي من الوالدين، بحيث ما معنى أن يفكر ابنهم أو ابنتهم في تطويع الكتابة كمستقبل للعيش”.
وشدد الروائي المغربي، ضمن مداخلته في المائدة المستديرة “جدوى الكتابة” التي تقدم بها على هامش الدورة الـ17 لمهرجان ثويزا بطنجة، ونقلتها صحيفة هسبريس، على أن “هذا الأمر المتعلق بالمجتمع والأسرة يُطرحُ أيضا خلال اشتغال الكاتب وتمثله لماهية التحرير وأفقه”، لافتا إلى أن “الكتابة صارت مهددة بسبب وسائل التواصل الاجتماعي، رغم أن كتاب هذا الجيل أفلتوا من حروب داهس والغبراء التي كانت تشتعل بين كتاب الجيل السابق فقط لينشروا… قصة أو قصيدة أو مقتطفا من رواياتهم في الصفحات الثقافية لبعض الجرائد الورقية التاريخية كالعلم أو الاتحاد الاشتراكي”.
وأفاد سباطة، في المداخلة ذاتها، بأن “تلك الصراعات كانت تؤسس لصورة حول مدى مكابدة الكتاب القدامى لإبراز أنفسهم عبر هذه الجرائد المقروءة بكثرة سابقا”، مسجلا أن “هذا الجيل ربما يبدو محظوظا لكون وسائل التواصل الاجتماعي سهلت عليه سرعة الانتشار والمقروئية، والوصول إلى أكبر عدد من القراء؛ لكنها خلقت بالمقابل عملية استسهال مروعة للكتابة”.
وأكد صاحب رواية “الملف 42” أنه “لا يحجر على حق أحد في أن يكتب”، ذاكرا أن “المخيف يكمن فقط في كون السنوات الأخيرة جعلتنا نلاحظ ظاهرة “المؤثرين”، الذين صاروا يُصدرون بعض الكتب التي هي عبارة عن تجميع لمجموعة من المنشورات الافتراضية، فقط لأن لديهم عدد متابعين مهما، دون أن يعولوا على أي زاد معرفي أو سمعة رمزية ككُتاب أو رصيد إبداعي معتمد”.
واعتبر المتحدث أن “هذا الأمر يؤرق عملية الكتابة، لكون قيمة الإنسان الحديث والكاتب المعاصر صارت تقاس بنسبة المتابعين على وسائل التواصل الاجتماعي”، مشيرا إلى أن “القراءة هي التي من شأنها أن توقف هذا المد، ولكن المشكلة أنه سابقا كان منسوب الادعاء لمطالعة أعمال ما مرتفع، بينما اليوم نشاهد من يتفاخر بأنه حرر رواية دون أن يقرأ كتبا.. القراءة يجب أن نفكر فيها كمدخل للكتابة، وأن نستدعيها كلما حاولنا أن نحرر صفحات عمل ما”.
وزاد سباطة شارحا: “علينا أن نطرح أيضا سؤال الجدوى من الكتابة في علاقتها بمحاربة النسيان، بحيث نجد أن هناك رغبة حقيقية لنسيان وإقبار بعض المواضيع التي نكتب عنها؛ هناك إرادة قوية في تناسيها”، مفسرا أنه “واجه هذا الأمر عندما كتب رواية “الملف 42″ التي تعالج مواضيع عديدة، ولكن محورها الرئيسي هو قضية الزيوت المسمومة التي عانى منها المغرب سنة 1959”.
واستطرد قائلا: “ما لاحظته هو أن الصحف المغربية التي غطت صدور الرواية كانت تهمل وتغفل هذا الموضوع، وهذا تعبير عن موقف بأن هذا الأمر لا بد من نسيانه”، مردفا أنه “حين وصلت الرواية إلى اللائحة القصيرة للبوكر، في السنة الماضية، حرك ذلك مجموعة من المواقع العربية لتناول الرواية بشكل مختلف. وحينها، استأنفت المواقع المغربية الأمر، وعادت للتحدث عن الموضوع المحوري للرواية… وهذا الموضوع جعلني أفكر جيدا في سؤال لماذا نكتب؟”.
ولم ينس المترجم المغربي أن يتحدث عن الترجمة باعتبارها جوابا أمينا عن سؤال الغاية من الكتابة، معتقدا أن “الترجمة يمكنها أن تفيد الكاتب من خلال اطلاعه على مجموعة من الأعمال العالمية النفيسة، خصوصا الكنز الذي توفره أمريكا اللاتينية؛ فكثيرة هي التجارب التي وفرت لنا كنوزا وطرقا غير مألوفة للكتابة”.
وختم الروائي المغربي عبد المجيد سباطة معتقدا أن “الذكاء الاصطناعي لا يزال يطل علينا، ولا نعرف هل خطورته علينا مجرد مبالغات إعلامية.. وسنتأكد، قريبا، هل، فعلا، يشكل خطورة على الكاتب وعلى الكتابة… أم لا”.
اكتشاف المزيد من أخبار معارض الكتب
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.