دور نشر

ناشر جزائري: استخدام الذكاء الاصطناعي مرتبط بالإمكانيات..

” منير بن مهيدي: ضعف المدخلات الرقمية يربك الناشرين

الجزائريشهد قطاع النشر في الجزائر تحوّلات كبيرة في ظلّ الثورة الرقمية وتنامي حضور التقنيات الحديثة، وعلى رأسها الذكاء الاصطناعي.

وبين محاولات التكيّف مع هذه التحوّلات وتحديات السوق المحلية، يعيش الناشر الجزائري واقعًا مربكًا. وفي هذا الإطار، يفصّل منير بن مهيدي، مدير دار “جسور” للنشر والتوزيع، في علاقة الناشر الجزائري بالتكنولوجيا، ويطرح رؤيته لإشكالية المقروئية في زمن الثورة الرقمية.

مواكبة التطورات وتحديات التكلفة

أكد بن مهيدي أن الناشر الجزائري يواكب التطورات الحاصلة، وبالأخص مع الثورة الرقمية، سواء أراد ذلك أم لا. ونظراً لذلك، تفرض متطلبات السوق، على الأقل من الناحية الاقتصادية، مسايرة هذه التغيرات واستعمال كل الوسائل التي توفّر له الجهد والوقت والمال.

وعند سؤاله عن اعتماد دار “جسور” على تقنيات الذكاء الاصطناعي، أشار بن مهيدي إلى أن الأمر يرتبط بالإمكانيات.

فبعد جائحة “كوفيد”، عانت العديد من المهن في الجزائر، بما فيها قطاع النشر، من أزمات خانقة. بالإضافة إلى ذلك، أثرت الجائحة سلباً على الاعتماد على الكتاب كمصدر أساسي للمعرفة.

وقال في مقابلة نشر على موقع معرض الجزائر للكتاب: “نحن في ‘دار جسور’ نستعمل بعض التقنيات الرقمية مثل غيرنا من الناشرين، لكن لم نصل بعد إلى توظيف فعلي للذكاء الاصطناعي”.

أزمة المدخلات الرقمية وغياب المحتوى المحلي

حدد بن مهيدي السبب الجوهري وراء التأخر، وهو “ضعف المدخلات الرقمية في الجزائر”. فالذكاء الاصطناعي يعتمد على البيانات المتاحة ليعطي مخرجات دقيقة. على سبيل المثال، عندما حاولوا استخدامه في إنجاز تصاميم فنية، لاحظوا أنه يقدم تصاميم تعبّر عن ثقافات أجنبية، وليس عن البيئة الجزائرية، بسبب غياب محتوى محلي كافٍ في قواعد البيانات.

وأوضح أن الجزائر ما تزال متأخّرة نوعاً ما في هذا الجانب، ولا توجد مؤسّسات متخصّصة تعمل على إدخال البيانات وتنظيمها. ومع ذلك، أكد أن معظم الناشرين الجزائريين اليوم يعتمدون على الطباعة الرقمية، لما توفره من سرعة وتكلفة أقل.

التوزيع: التقنية بديل للمركبات

فيما يتعلق بمشكلة التوزيع، أشار بن مهيدي، بصفته عاملاً في هذا المجال لأكثر من ربع قرن، إلى أن التوزيع تغيّر جذرياً. فقد تخلّت الدار عن المركبات التي كانت تجوب الولايات لنقل الكتب، واستبدلتها اليوم بخدمات التوصيل الحديثة التي تعتمد على التكنولوجيا. وبناءً على ذلك، تتم نحو 40% من عمليات التوزيع حالياً عبر الوسائط الرقمية، مما أحدث نقلة نوعية في الأداء وسرعة الوصول إلى القارئ.

ضعف المقروئية يستدعي إستراتيجية وطنية

عندما طرحنا سؤالاً حول تأثير التقنيات الحديثة على الأداء المهني، أكد بن مهيدي أن المشكلة الجوهرية هي “ضعف المقروئية في المجتمع”. وبما أن الكتاب مجرد وسيلة والناشر حلقة ضمن سلسلة طويلة، ينبغي أن تتضافر الجهود بين مختلف الأطراف: الإعلام، الوزارات، والمؤسسات الثقافية، لإيجاد حلول عملية تعيد الاعتبار للقراءة وتدعم صناعة الكتاب.

وفي الختام، شدد على ضرورة أن تتولى مراكز البحث ومؤسّسات الدولة الدراسات الميدانية المطلوبة، لأنها تتطلّب عملًا جماعياً منظماً. وطرح سؤالاً جوهرياً: “هل لدينا اليوم إستراتيجية وطنية واضحة للكتاب والثقافة؟”. واختتم بالقول إن البداية الحقيقية يجب أن تكون من وضع خطة إستراتيجية مبنية على تشخيص علمي موضوعي يشارك فيه الخبراء والمهنيون.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى

اكتشاف المزيد من أخبار معارض الكتب

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading