استطلاع: معرض البحرين للكتاب بعد 5 سنوات من الغياب..
المنامة- أثبت معرض البحرين الدولي في الأعـوام الأخيرة قدرته على الصمود في مختلف الظروف والتقلبات الدولية التي تحصل في المنطقة وتجدد حضوره وبات فاعـلا في الساحة بترويج مملكة البحرين كوجهـة للسياحة الثقافية التي عملت على استقطاب وجوه وقامات الثقافة العربية.
لكن مع أولى بوادر جائحة كورونا، والشلل الذي هيمن على الكرة الأرضية تراجع مكسبنا الحضاري على الصعيد الثقافي لما وقعنا في مصيدة التأجيل حيث غـاب معرض البحرين الدولي للكتاب عن خارطـة وأجندة معارض الكتاب العربية منذُ عام 2020 / 2021/ 2022/ 2023 وصولا إلى عام 2024!
من البديهي ها هنا أن ثمـة الكثير من الخسائر المعنويـة التي دفعتها ساحتنا الثقافية في مملكة البحرين جـراء التأجيلات المتلاحقـة وما تلاها من خيبـة أمـلٍ يكابدها الكاتب والمثقف والقارئ والناشر المحلي، الجميع من دون أدنى شك تنتابه الفرضيات والتساؤلات، فيما إذا كان قرار هيئة الثقافة والتراث صائبـًا، لذا تـوجهت صحيفة أخبار الخليج البحرينية إلى عينة مختارة من الفاعلين على الساحة بسؤال محوري فكان الحوار التالي:
- ثمـة من لا يـرى أي ضـرر من تأجيل معرض البحرين الدولي للكتاب طوال الأعوام الماضية لكون العربي يعد القراءة ترفـًـا فكريـًا وسوق المكتبات المحلية بالأساس تعاني من تخمة المعروض وقلة الإقبال .. هـل تتفق مع هذا الرأي؟
وبطرح السؤال على الكاتب والناقـد د. فهـد حسين أجاب:
– أثير الكثير من الحديث بين مفاجأ ومندهش، وبين مستنكـر، ومن وضع الأسباب والتكهنات، وبين من عـلق بكلمات عبر قنوات التواصل الاجتماعي مستغربـًا ومنتقـدًا. وحين قـرأت الخبر لم أصب بالفجأة بقـدر ما طرحت من أسئلـة تخصني تجاه إقامة المعرض ، فمن المؤكـد أن هيئـة البحرين للثقافة والآثار يهمها إقامة المعرض، وفي أقرب وقت ممكن، على اعـتبار أنـه حدث ثقافي عـربي مهم يدخـل البحرين ومشهدها الثقافي في دائـرة الضوء بعد جائحـة كورونا، ولكن علينا ألا نصدر أحكامـًا على هذا التأجيل، فلربما هناك أمور مالية أو إدارية أو لوجستيـة أو مكانيـة أو فنيـة لا نعيهـا، لهذا يأتي دور الصحافة في تفكيك الحالة الضبابية التي غـطت الكتاب والمثقفين عبر التحاور مع أصحاب القرار بالهيئـة للوقوف على حيثيات هذا التأجيل
ولا شـك أننا في البحرين نحلم بإقامـة هذا المعرض ليس كـل سنتين بل سنـويـًا، ويتعدى طـموحنا إلى إقامـة المؤتمرات الثقافية المتنوعـة بالتعاون مع المؤسسات الثقافية والأدبيـة، وأعتقد أن هذا الأمـر ليس بعيدًا عن خـطط الهيئـة كما أصدرت قبل مـدة بإعـلانها استقبال من يرغـب في النشـر وطباعـة منتجـه، لهذا ننتظـر ما يقولـه المستقبل القريب جدًا، وأصحاب القرار لن يتوانوا في توضيح مثل هذه الأمور.
أما الكاتب والروائي د. جعفر الهـدي فقد شاركنا برأيـه وقال:
– تمثل معارض الكتب شريان حياة الحراك الثقافي في أي بـلد ولا يمكن تخيل حراك ثقافي نشـط دون وجود معرض كـتاب رئيسي، فضلا عن وجود معارض صغيرة. معارض الكتب تعني تسهيل وصول الكتاب إلى يد القارئ وتعني وصول المؤلف إلى القراء أنفسهم، فهي بذلك تمثل الحراك المتجدد لمثلث الثقافة: المؤلف والكتاب والقارئ.
معرض البحرين الدولي للكتاب من أقـدم وأهـم وأنشـط معارض الكتب على مستوى الوطـن العربي، والناشرون من كـل الدول العربية ينتظرون حـدث المعرض بفارغ الصبر، وهـم يشاركون أيضًا في معرض الكتاب الذي تنظمـه مؤسسـة الأيام لأنهم يجدون في البحرين القارئ المتنوع والمتنور الذي يتلقـى الكتب في شتى صنوف المعرفة، ومن هنا نعتقـد بأن الناشرين يترقبون تنظيم هذا العرس الثقافي، وكما أن الكتّاب يأملون بأن تعيـد هيئـة الثقافة النظـر في قـرار تأجيل المعرض، فإن الناشرين يأملـون أن يحدث ذلك.
نحن ككتّاب ندرك الصعوبات التي تعترض تنظيـم مثل هذه الفعاليات الضخمة، فهي تحتاج المزيـد من الإمكانيات البشرية والمادية لكننا على ثقـة أن المؤسسة الرسمية قـادرة على تذليـل هذه العقبات للوصول إلى الهدف الرئيسي الذي ينتظـره آلاف القراء والكتّاب والناشـرين وبإذن الله تتحقق آمــال كـل هؤلاء في اللقاء في معـرض البحرين الدولي للكتاب القادم
. وعلى صلة بذات الموضوع تضيف الكاتبة والباحثة البحرينية أمينـة الفـردان..
– من وجهة نظـري الضـرر واقع جراء تأجيل فعالية وعـرس ثقافي مهم كمثـل معرض البحرين الدولي للكتاب، كـل الأطراف التي لها عـلاقة مباشرة أو غـير ذلك تتضرر، هذا أكيـد، كُتاب كثيرون من البـلد أصدروا كتبهـم في مختلف التخصصات وعلى مدى الأعـوام الماضية تجشموا عـناء طباعـة وتمويل إصداراتهم، كانوا يتمنون فرصة فعالية المعرض ابتغاء الاحتكاك بالقارئ المحلي وهذا طبعـًا ينطبق على الناشر البحريني، لا فرصة لكل هذه الأطـراف حتى يلتـئم شمـلها تحت سقف واحـد!
لله الحمد لدينا شريحـة مجتمعيـة كبيرة تقـرأ أتفاءل بها حقيقـة وهي أكيـد متضررة من تأجيل معرض البحرين الدولي للكتاب، أسعار الكتب في سوقـنا المحلية مرتفعـة ومكتباتنا تفرض نسبة استقطاع تصل إلى 50 بالمئة من قيمة الكتاب، لذا فإن القارئ المحلي يترقب المعرض ويظل يوفر له ميزانية خاصة حتى يستمتع بالعناوين التي يبحث عنها أو يهتم بها
. هيئـة البحرين للثقافة تقـع عـليها مسؤولية التأجيـل كما أرى، مشهدنا الثقافي وفعالية معرض الكتاب مهمـة جدًا بالنسبة إليه وتأجيلها أمر سلبي للأسف يعود بالضرر على جميع الأطـراف ويحرم القراء والكتاب والناشرين من تنشيط فعلنا الثقافي والحضاري، صحيح أننا نؤجـل وهناك من يرى أنه لا مشكلة في هذا، لكن معارض الكتاب الأخرى في المنطقـة تكون قد تجاوزتنا بأشواط خرافيـة في مكاسبها الحضارية والثقافية والتنمويـة
. يشاركنا القاص أ. محمد أبو حـسن في مداخـلة سريعـة حول الموضوع فيقول:
– مهما وصلت القراءة إلى قمة الترف في تعاطيها الفكري وعانت المكتبات من التخمة في معروضاتها من الكتب وتسبب هذا في قلة الإقبال، هذا لا يعني الاستغناء عن إقامة معرض الكتاب في أي بلد زاخر بالثقافة والمثقفين ليتم إلغاء هذا المعرض أو ذاك، دون النظر إلى الأبعاد السلبية والمؤثرة على واجهتنا الثقافية من ناحية عكسية لا تتناسب مع شأنه الثقافي في عطـائه العلمي والفكري والذي من شأنه أن يحد من نشاطنا سلبـًا في هذا الاتجاه.
إقامة مثل هذه المعارض والأنشطـة الثقافية التنافسية الدولية تشجيعا لدور الثقافة والتوسع في مساحتها الجغرافية والمحلية في المنطقة أسوة بالبلدان الأخرى المجاورة، فيها مكسب حضاري لا ينبغي أن نفرط فيه، السنوات التي مضت كسبنا بشكل تصاعـدي سمعـة ثقافية كبرى عـند الناشر العربي، وهذا رأس مال ثقافي وحضاري يتأثر بتأجيل المعرض وغيابه أربع سنوات، هناك مخاوف عديدة من أي ضرر يحصل.
وكما نرى هذه المخاوف قائمة بسبب تكرار التأجيل وعدم الكشف عن السبب واحتمالية ردود فعل دور النشر المساهمة والزوار التي تنتظر ذلك اليوم دون أي نتائج تذكر حول تكرار هذا الحدث
وبذلك على الجهات المختصة النظر بعين الاعتبار في هذا الموضوع بعمق وجدية لحل هذه المشكلة، على أن يتوقع الجميع سواء الدور المساهمة في المعرض أو الذين ينتظرون إقامته من زوار ومثقفين وباحثين في هذا المجال تجسيده على أرض الواقع وعودة تلك المعارض التي كنا نحضرها وهي عامرة بمختلف أنواع الكتب الثقافية ودور النشر المختلفة التي تسعى دائما لاستقطاب الزوار من أدباء ومثقفين وفنانين من مختلف البلدان المهتمة بهذا الجانب النوعي الثقافي. يبقى سؤالك هنا محيرا ومربكا في واقع الأمر حين يرى البعض تكرار تأجيل مثل هذه المعارض الثقافية التي تعنى بالكتاب بالدرجة الأولى أمرا طبيعيا ولا ضرر منه وفي نفس الوقت بالإمكان إقامته في وقت آخـر بلا أي مشاكـل، في اعتقادي ذلك يحتاج إلى مراجعة جدية للوقوف على المعوقات التي حالت دون إعلان هذا الحدث حتى نتلافى الوقوع فيها مستقبلا، لأن معرض البحرين الدولي للكتاب، أقوى حدث ثقافي عندنا وعلينا أن نسخـر له كـل الإمكانيات فهو استثمارنا الثقافي الأجمـل.
اكتشاف المزيد من أخبار معارض الكتب
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.