الجزائر(بي إف نيوز)- أكّد الكاتب الفلسطيني إبراهيم نصر الله أنّ ما يحدث في غزة، حاليا، من أكبر المراحل وأهمها التي تمرّ بها القضية الفلسطينية، معتبرا أنّ ما تحقق يعدّ “معجزة” ألحقت الذلّ بالعدوّ الصهيوني وزرع داخله فكرة أنّه قابل للهزيمة وسيهزم..
وأضاف في لقاء مع مجلة صالون الجزائر الدولي للكتاب،الجمعة، منصة (بي إف نيوز)، أنّ الكتابات الفلسطينية الكبرى أضحت جزءا أساسيا، اليوم، في صمود غزة وصمود شعب فلسطين وكذا من الوعي بالقضية، كما ثمّن عاليا وقوف الجزائر الاستثنائي “قلبا وقالبا” مع الشعب الفلسطيني.
وقال “الجزائر من الدول القليلة جدا التي عندما تقول كلمة فهي تقصدها بكلّ معانيها”.
- ابراهيم نصر الله من المبدعين الفلسطينيين الذين حملوا هم وطنهم إبداعيا، فكتب فلسطين شعرا ورواية، لكن الجرح غائر ودائم وأهل غزة ثابتون في وجه الإبادة الجماعية التي يتعمّدها الكيان الصهيوني، ما هو احساسكم والقصف والتقتيل يؤثث يوميات غزة؟
هو نفس إحساس أصحاب الضمائر الحية، وما يحدث حاليا هو من أكبر وأهم المراحل التي تمرّ بها القضية الفلسطينية، وكأنّ الشعب الفلسطيني جمع كلّ خبراته وكلّ ما عاشه كي يصل إلى هذه اللحظة، التي يستطيع أن يقول فيها للعالم جميعا “قادرون على أن نهزم هذا العدوّ المتغطرس وهذه الفاشية المفتخرة دوما بقدرتها على الإبادة وتهجير الناس وكذا قدرتها على تعذيبهم والاستيلاء على أرضهم، وأن تفعل ما تريد برخصة قتل مفتوحة له.
لقد جاء هذا الشعب بقواه المتواضعة التي لا تقارن بقوى الدول الكبرى والمتوسطة ولا حتى الصغرى وحقّق معجزة أن أذلّ هذا العدوّ الصهيوني كما لم يذلّ يوما، ويزرع في داخله الفكرة الأهم أنّه قابل للهزيمة وسيهزم حتما.
- بات الأدب الفلسطيني جزءا أساسيا من ضمير شعبه، في خضم انحياز اعلامي غربي فاضح لبني صهيون، في اعتقادكم، ما هي مرتكزات المقاومة الثقافية؟
أعتقد دائما أنّ الأدب قام بما عليه، وهي مسألة مهمة، فعندما كنا بحاجة إلى الأدب كان بجانب شعبنا في كلّ مرحلة مرّ بها وشكّل جزءا أصيلا من ثقافته ومستقبله، وأقول دائما إنّنا بحاجة إلى الأدب الكبير قبل الأحداث الكبرى فإن جاء بعدها أو خلالها بات لاحقا لها، والكتابات الكبيرة التي حقّقها أدباء فلسطينيون كغسان كنفاني الذي أصبحت روايته التي كتبها في أوائل ستينيات القرن الماضي، أضحت جزءا أساسيا، اليوم، في صمود غزة وصمود شعب فلسطين وكذا جزءا من الوعي بالقضية، ونحن دائما بحاجة إلى تلك الأعمال، فحينما يجوع البشر يبحثون عن رغيف، ويجب أن يكون موجودا، وإن انتظروا العجن والخَبز سيجوعون أكثر، والأدب الفلسطيني لم يسمح بأن يكون الشعب الفلسطيني بحاجة لنصّ كُتب فهذا النص كان موجودا ومكتوبا، مواكبا لقضيته وحتى سابقا لكثير من الفصول التي عاشها أو يعيشها.
- على ضوء ما تقوم به اسرائيل من استهداف ممنهج للمدنيين في غزة، ومحاولات لإجبارهم على النزوح منها مع بداية “طوفان الأقصى”، إلى أيّ مدى تحقّقت مقولة بن غوريون “سيموت كبارهم وينسى صغارهم” التي تعدّ الدافع وراء مشروعكم الروائي “الملهاة الفلسطينية”؟
لو صدقت هذه المقولة لما حدثت هذه الهجمة الكبرى، وحتى عندما تقول إسرائيل إنّها تدمّر الأماكن لإيجاد مساحات أوسع لدباباتها، فالحقيقة انّ الهدف هو قتل الإنسان وتدميره، فالمشكلة الحقيقية مع إسرائيل هو هذا الإنسان، إذ احتلوا الجزء الأكبر من فلسطين، لكن ظلّت المشكلة مع الإنسان، لقد دمّروا الجزء الأكبر من فلسطين بهمجية لا مثيل لها إذا ما نظرنا إلى البقعة الصغيرة التي يتمّ تدميرها، وهي غزة وإلى عدد الفلسطينيين الذين يقتلون هناك.
لقد عاش الشعب الفلسطيني النزوح الأكبر عام 1948، وعرف نزوحا لا يقلّ عنه مأساوية عام 1967، وبدأ يدرك أنّ لا مكان له خارج وطنه، لذلك فصموده في غزة “معركة كبرى” يقودها ضدّ هذا العدوّ الذي يقتل بهمجية وعنصرية وفاشية استثنائية، ونذكر دائما أنّ هيئات عالمية كبرى تصفه، منذ زمن بعيد، بـ”نظام فصل عنصري”. فكلّ هذا البطش الممارس والمكرّس ضدّ هذه المساحة الجغرافية الصغيرة، بدعم من أمريكا والدول الأوروبية، وعنجهية رهيبة، يوحي بأنّ النازي يريد أن يكون نازيا مرّة أخرى، ويمارس هذه النازية على الشعب الفلسطيني.
- تلقي غزة بظلالها على صالون الجزائر الدولي للكتاب، تضاف إلى المحطات الكثيرة التي تترجم دعما جزائريا مطلقا للقضية الفلسطينية، كيف تجدون هذا الموقف؟
منذ وصولي إلى الجزائر، أحسست بأنّ هذا الصالون جزء من القلب الجزائري، وكأنّك في رام الله أو القدس، للكم الهائل والجميل من المشاعر والمحبة الذي يضاف إلى الوقوف الاستثنائي “قلبا وقالبا” مع الشعب الفلسطيني..
نحن الكتّاب عادة لا نكيل المديح للأنظمة لاعتقادنا أنّها لا تستحقه، لكن الموقف الرسمي الجزائري، حقيقة، هو الأبرز عربيا في وقوفه مع الشعب الفلسطيني، مع عدد قليل جدا من الدول، التي عندما تقول كلمة فهي تقصدها بكلّ معانيها.
اكتشاف المزيد من أخبار معارض الكتب
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.