عمان (بي إف نيوز)- قال الروائي المصري أشرف العشماوي الفائز بجائزة كتارا للرواية العربية لهذا العام عن فئة الروايات المنشورة عن روايته (الجمعية السرية للمواطنين) إن فوزه بالجائزة يعزز إيمانه بالقيمة الفنية للرواية، معتبرا أنها محطة مهمة في كتاباته ونقطة انطلاق لعالم آخر وكتابة مختلفة.
وأضاف لوكالة أنباء العالم العربي عقب إعلان فوزه “أفرح بالجوائز والمبيعات عادة لكني شعرت بأن الجائزة مكافأة على إيماني بها كما شعرت قبل إعلان الجائزة بدقائق أنني أرى أمامي وجوه أبطالها كما تخيلتهم، فقد كانوا مبتسمين كأنهم شاركوني الفرحة”.
وأشار إلى أن الجائزة هي الرابعة في مشواره الأدبي، غير أنها لها دلالة خاصة في مسيرته مستمدة من القيمة الفنية للرواية التي جاءت الجائزة لتؤكدها، مضيفا أن “رواية (الجمعية السرية للمواطنين) لها مكانة خاصة عندي كما أن شعوري بالفوز هذه المرة مختلف لأن الجائزة كبيرة ومهمة في مشواري”.
فوز مصري
وأضاف الروائي المصري “وضاعف من سعادتي وجود ستة مبدعين مصريين ضمن الفائزين في مختلف فروع الجائزة… شعرت فعلا بأن الريادة لا تزال في القاهرة وأنها ستظل لفترة قادمة عاصمة للفن والأدب”.
وأعلنت المؤسسة العامة للحي الثقافي (كتارا) في قطر يوم الجمعة فوز كل من العشماوي عن روايته (الجمعية السرية للمواطنين) والكاتبة المصرية أيضا رشا عدلي عن روايتها (أنت تشرق أنت تضيء) والكاتب العماني محمد اليحيائي عن روايته (الحرب) في فئة الروايات العربية المنشورة.
وجاء الإعلان عن الروايات الفائزة في مستهل الدورة التاسعة لمهرجان كتارا للرواية العربية في الدوحة والذي يستمر لمدة أسبوع ويشتمل على معرض كتارا للكتاب ومعرض إحسان عبد القدوس الذي اختير شخصية العام، فضلا عن فعاليات عديدة وندوات وحفل توقيع كتب الأعمال الفائزة في الدورة الثامنة للجائزة.
الروائية الفائزة
وتستعرض رواية (الجمعية السرية للمواطنين) الصادرة عن (الدار المصرية اللبنانية) مجموعة من النماذج البشرية المشوهة تعيش في منطقة عشوائية علي أطراف ضاحية حلوان في جنوب القاهرة وتعالج المتغيرات المجتمعية التي شهدتها مصر منذ عهد الرئيس محمد أنور السادات (1970-1981) إلى نهاية عهد الرئيس محمد حسني مبارك (1981-2011).
وتركز الرواية كذلك على تغيير مصائر جملة من الشخصيات الغرائبية، ومنها فنان تشكيلي يتحول إلى مزور لوحات ونقود، وبطل في حرب أكتوبر يتحول إلى مرشد وموزع للمخدرات، ومدرس موسيقى يصبح عامل صرف صحي، وساعي بريد يتحول إلى صحفي، وعامل نظافة يتحول إلى شاهد زور محترف.
وتسعى كل تلك الشخصيات لابتكار طرق للعيش وإدارة العالم الموازي داخل منطقة (عزبة الوالدة) العشوائية، وأولها بطل الرواية معتوق رفاعي مزور لوحة (زهرة الخشخاش) الشهيرة ومؤسس الجمعية السرية التي تدير شؤون الناس.
والعشماوي أحد أبرز الروائيين المصريين المعاصرين وضمن الكتاب الأكثر مبيعا في مصر، ومن أبرز أعماله (تويا) و(زمن الضباع) و(بيت القبطية) و(صالة أورفانيلي)، وأصدر هذا العام روايته (السرعة القصوى صفر). وإلى جانب احتراف الكتابة، يشغل العشماوي منصب نائب رئيس محكمة النقض، التي تُعد أرفع هيئة قضائية في مصر.
* منظور جديد
يرى العشماوي أنه عالج في رواية (الجمعية السرية للمواطنين) قضايا الهامش الاجتماعي من خلال منظور جديد وحاول الابتعاد عن النمطية والتكرار عن طريق نماذج لا يظن أن أحدا سبقه في الكتابة عنها.
وقال إنه استعرض في الرواية “مهنا ووظائف وشخصيات تمارس أدوارا غريبة في المجتمع لم يتم التعامل معها روائيا من قبل سواء في طريقة التقديم أو الحكي أو التناول المختلفة”.
وأضاف “الرواية لا تعتمد على التشويق بل تحاول قدر الممكن جذب القارئ عن طريق محاكاة بطل الرواية الفنان التشكيلي الذي يرسم أهل عزبة الوالدة في لوحة ويبدل فيها حسب مواقفهم في الحياة وبالتالي يبدو الأمر أشبه بلعبة سردية لاقت تقديرا في النهاية من خلال الجائزة”.
وتابع قائلا “لا أستثمر القضايا التي تمر أمامي خلال عملي القضائي بصورة كافية، كما أحاول الابتعاد عن تناول الجريمة بصورتها التقليدية لكن لا أنكر أن بعض سمات شخصيات رواياتي مستلهمة مما أراه في عملي، خاصة أنني أرى نقطة الضعف الإنساني في أوجها وأرى الجانب المعتم للمجتمع من خلال الجريمة ولا شك أن كل ذلك أفادني في رسم شخصيات رواياتي”.
وأوضح العشماوي أن فوزه بجائزة كتارا يعزز ثقته بمنجزه الأدبي، وقال “كنت أعرف أن الرواية ليست جماهيرية كما يقال عن رواياتي وكان هناك تخوف من نشرها بعد نجاح رواية (صالة أورفانيلي) والتي حصدت جائزة أفضل رواية عام 2021 من معرض القاهرة الدولي للكتاب ولكني قررت نشرها”.
ونوه إلى أنه لم يكن يتوقع للرواية الفائزة أي مبيعات أو جوائز، مضيفا “فقط كنت أشعر بسعادة لأني كتبت عن مهمشين أحببت دورهم في حياة متخيلة ومنحتهم بطولة شرفية في رواية”.
وأوضح قائلا “النماذج المشوهة عمدا في الرواية هم نتاج طبيعي للفترة التي أعقبت هزيمة 1967 وحتى نهاية السنوات العشر الأولى من الألفية الثالثة، حيث تعاقبت على حكم مصر عدة حكومات ساهمت في تشويه الغالبية ونال المهمشون بالطبع النصيب الأكبر من التشويه المعنوي، فأفسدوا وشعروا بأن كل ما حولهم مزيف فقاوموا الزيف بالزيف”.
ووصف العشماوي أبطال روايته الفائزة بجائزة كتارا بأنهم “عاشوا حياة موازية ولعبوا دورا آخر وأسسوا جمعية سرية تطبع نقودا مزيفة فقط ليعيشوا، ثم بعد ذلك استخدموا المال المزيف في مساعدة غيرهم في بناء مدارس ومستوصف وغيرها من أعمال خيرية”.
وقال “الرواية على حافة فانتازيا ونابعة من واقع أنتج مجتمعا تم تجريفه على مر عقود وهو ما يشغلني في أغلب رواياتي”.
واعتبر العشماوي أن شغفه باستعمال التاريخ ضمن نسيج رواياته طبيعي، وتابع “أحب التاريخ كقارئ ولكن عندما كتبت، أدركت أن غالبية الحقيقة تحكيها الروايات والفن عموما. فما يبتكره الروائيون أصدق من الرواية الرسمية للتاريخ التي تكتبها الحكومات”.
وأضاف “نحن نكرر دائما أن التاريخ يعيد نفسه ولكن نغفل أن في كل مرة التكلفة تتضاعف وشخصيا أرى في التاريخ دراما لم تكتب بعد كاملة ولا زالت هناك آلاف المشاهد ومئات الفصول التي تصنع عشرات الروايات”.
اكتشاف المزيد من أخبار معارض الكتب
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.