صدور كتاب “وليد سيف أكاديميا وملهما”..
عمان (بي إف نيوز)- صدر حديثا عن مؤسسة عبد الحميد شومان، كتاب بعنوان “وليد سيف أكاديميا ومبدعا وملهما”، يشتمل على ندوة تكريمية أقامها منتدى شومان في شباط الماضي للمفكر والروائي والأكاديمي د. وليد سيف، قام بإعداده وكتابة تقديم له الدكتور غسان إسماعيل عبدالخالق.
شارك في هذا التكريم الذي جاء في خمس جلسات فكرية، أكاديميون ومبدعون، تحدثوا في الجلسة الأولى التي جاءت بعنوان “في الجامعة الأردنية”، أدارها د. مصلح النجار وقدم فيها كل من: الأكاديميين “وليد العناتي، فريال القضاة، هيثم سرحان”، فيما تحدث بالجلسة الثانية التي حملت عنوان “وليد سيف الشاعر”، أدارتها الدكتورة شهلا العجيلي كل من: “د. إبراهيم السعافين، الشاعر زهير أبو شايب، د. راشد عيسى”، فيما تحدث بالجلسة الثالثة وهي بعنوان “وليد سيف الروائي”، وأدارتها الدكتورة صبحة علقم وتحدث فيها كل: من “د. رزان إبراهيم، د. محمد عبيدالله، الناقد فخري صالح، د. مها ياسين”.
وتحت عنوان “معالج التاريخ، بيت التاريخ: الوعي الأيدولوجي والجمالي”، جاءت الجلسة الرابعة التي أدارها المسرحي والقاص مفلح العدوان، وتحدث فيها كل من: “د. تيسير أبو عودة، جهاد إبراهيم، د. يوسف حمدان، د. لينه عوض، أما جلسة الشهادات الإبداعية التي أدارتها الدكتورة أماني سليمان داود، فقد تحدث فيها كل: من “د. سهير إبراهيم سيف، د. الروائي وليد الشرفا، زياد أحمد سلامة، د. خليل الزيود، سوسن إبراهيم”.
واشتمل الكتاب، على كلمة المحتفى به الدكتور وليد سيف الذي قال فيها: “أرجو أن أكون جديرا بهذا التكريم، ولكن ما يمكن أن أفخر به فوق كل شيء هو القائلون لا القول، أعني هذا الحضور الكريم من المشاركين الذين كانوا من طلبتي، ثم أصبحوا علماء وباحثين ونقادا أفذاذا على مستوى رفيع”. هنا فقط لا أشعر بالتخاجل، إذ أعبر عن فخري واعتزازي بهم؛ فهم في ذواتهم شهادتي الأولى كما هي لكل الزملاء الذين درسوا عليهم وتركوا فيهم أثرا باقيا، وهم بدورهم يصنعون شهودهم فيمن ينتفع بعلمهم وإبداعاتهم”.
ويرى سيف، أن “كل تكريم يرتب على المكرم مسؤولية كبيرة ليسمو إلى مستوى التوقعات ويتابع جهوده إلى آفاق جديدة، وقد قيل في أحد النحويين القدماء: “إنه مات وفي نفسه شيء من (حتى) قد تكون نادرة قيلت تظرفا، ولكنها تحمل قدرا من الحقيقة، وتنطبق على كل المشتغلين في المجالات المعرفية والإبداعية بشغف وعمق، وقد قيل أيضا (لا ترض دون الكمال، ولن تبلغه)، وقيل (ما يزال العالم عالما ما طلب العلم، فإذا ظن أنه قد علم فقد جهل)، وكذلك الحال في الحقول الأدبية والإبداعية، والأسئلة التي نسعى للإجابة عنها، تنتج من الأسئلة الجديدة أكثر من الإجابات، وكل نص إبداعي يخلق شرط الإمكان لنصوص جديدة، وبذلك يبقى القلق المعرفي والإبداعي متسلطا يدفع إلى متابعة الرحلة من دون الوصول، ولعل هذا من شقاء الشرط الإنساني وجماله، فهو أكثر تعقيدا وسعة من أي واحد منا مهما تكن موهبته وكفاياته وقيمه وجهوده”.
ويشير سيف، إلى سؤال كثيرا ما يطرح وهو “لماذا نكتب؟ سؤال متجدد نتفنن في الإجابة عنه، ونختلف حوله حد التناقض، ومن جديد، فإن الموضوع أكثر تعقيدا من أن يختزل في جانب واحد، ولا حرج في أن تتجاور الدوافع وتتشابك الأسباب، بين الرغبة في تحقيق الذات والاستجابة لاستعداد طبيعي متحكم ضاغط ندعوه الموهبة، إلى تحقيق رسالة عامة والإسهام في إحداث تغيير ما في الوعي والذائقة الجمالية والواقع الإنساني، ولا شيء يدعو للخجل من الاعتراف بمطلب التقدير والشهرة المستحقة، على ألا تتقدم الذات النرجسية على موضوعها، وألا تتحول القضية إلى مطية”.
د. غسان عبد الخالق كتب في تقديمه للكتاب بعنوان “بقوس ربابتي؛ أهدم العالم ثم أعيد بناءه!/ شاعر غجري مجهول”، يقول فيها: “إن هذه المؤسسة العتيدة تضعنا أمام امتحان جديد العام الحالي، يتمثل في السؤال السهل الممتنع: “من هو وليد سيف؟” ولو كان وليد سيف إنسانا فقط أو أكاديميا فقط أو شاعرا فقط أو دراميا فقط أو ساردا فقط أو ناقدا فقط أو مفكرا فقط.. لهان الأمر قطعا، ولكن وليد سيف ليس هؤلاء كلهم فحسب، بل هو هؤلاء المتفوقون والمتميزون والمختلفون جميعا أيضا!.
ويتابع عبدالخالق: “وإن كان الأساتذة لم يدخروا وسعا في هذه الندوة التكريمية المشهودة، لشحذ قرائحهم بحثا عن المداخل الممكنة لمقاربة الذاتي والموضوعي في تجربة وليد سيف الثقافية، وإثراء محاور وجلسات هذه الندوة بما لا مزيد عليه من الأبحاث والأوراق والشهادات، فإن مهمتي تمثل هذا كله وإيجازه في (تقديم) لا يتجاوز بضع صفحات، مغامرة لا أحسد عليها فعلاً. ويكفيني لتأكيدها أن أعود للتساؤل: من أين وكيف نلج عالم وليد سيف؟!”.
ويشير، إلى “إن التكوين الثقافي المتين، على وقع التحولات العاصفة التي ألمت بفلسطين وبعض الأقطار العربية، قد أنضجت الحس المأساوي – وبالمعنى الكلاسيكي الأرسطي – في وعي ولا وعي وليد سيف . وإلى الحد الذي أدرك معه أن (التراجيديا)، هي القدر الأسمى للبشرية بوجه عام، وللعرب والفلسطينيين في العصر الحديث بوجه خاص”.
ويعتبر عبدالخالق، أن “هذا الإدراك، هو ما يفسر اعتناء وليد سيف بالمحافظة على المسافة الكافية لمقاربة موضوعاته وشخصياته الملحمية؛ الحقيقية أو المبتكرة، على نحو حكيم وقاس في الوقت نفسه، انطلاقا من قناعته بأن كلا من الجلاد والضحية لا يفعلان أكثر من أنهما يؤديان دورهما المناطان به، في مسرحية كونية متكررة ومكتوبة سلفا. ولا ينفي هذا الزعم حقيقة أن وليد سيف لم يدخر وسعا في كل ما أبدع، لتبديل الأدوار أو لتعديلها، من موقعه كشاعر أو ناثر ملحمي يدرك ما يمكن للمحاكاة أو التخييل، أن يجترحاه على صعيد اختراق حتمية التاريخ أو تزمت الفلسفة”.
ويزيد عبدالخالق، “ودون خوض في كثير من التفاصيل التي لن تتسع لها صفحات هذا (التقديم)، وانطلاقا من المنظور الذي تقدمت به؛ فإنني أجد صعوبة بالغة في تلقي ما اصطلح على إدراجه تحت مسمى (التغريبة الفلسطينية) – لأنني أكثر ميلا إلى مسمى (المأساة الفلسطينية)، ولأن مثل وليد سيف لا يمكن أن يغفل عن خطورة المقارنة مع التغريبة الهلالية التي مثلت صك غفران للهلاليين الذين غزوا ودمروا حضارة المغرب العربي بأمر من الخليفة الفاطمي! – دون التفكير بهوميروس وإلياذته العتيدة.
كما أجد صعوبة بالغة في تلقي ما اصطلح على إدراجه تحت مسمّى (السلسلة الأندلسية)، دون التفكير في (سوفوكليس)، (أوديب ملكا)؛ لأن وليد سيف لم ينطلق في هاتين المأثرتين وما سبقهما أو لحقهما، من كونه راويا ملحميا شفويا فقط، بل من كونه ناقدا صارما ومفكرا رصينا أيضا؛ فلم يدخر وسعًا لجمهرة إحساسه المأساوي بالتاريخ العربي – من خلال نقل أطروحة المسرح الخالدة إلى شاشة التلفاز اليومي – وفقا لقناعته بأن المبدع العربي منذ العصر الجاهلي وحتى العقد الثاني من الألفية الثالثة، كائن مؤدلج ومسيس ومغترب بالضرورة وليس بالاختيار، وهو – لذلك – لا يملك ولن يملك ترف التعامل مع الأدب والفن بوصفهما أدبا وفنا فقط!”.
اكتشاف المزيد من أخبار معارض الكتب
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.