د. لينا جزراوي تكتب: معرض الكِتاب: للقراءة أم للتّرفيه؟
عمان (بي إف نيوز)- استوقفني كثيرًا مشهد إقبال الأردنيّين على معرض الكِتاب بعد أن فشِلت مرّتين في العثور على مصفّ لسيّارت، ونجحت في المرّة الثالثة في زيارة المعرض.
وقبل أن أتفاءل بالمشهد تساءلت : هل الإقبال الكبير على معرض الكتاب مؤشّر على اهتمام الأردنيين بالكِتاب ! وهل نظلِم الأردنيّين عندما نقول أنّهم لا يقرأون !!! وهل يقرأ الأردنيّون فعلًا ، أم أن المشهد كان مُجرّد حالة مؤقّتة و نشاط لقتل الوقت أيّام العطل لا يُشير الى شيء !
على أيّة حال؛ لا يحتاج الأمر الى تدقيق لنُعلِن أنّ إقبال الشّباب، وحتى الكِبار على قراءة الكُتُب اليوم في الأردن أصبح أمرًا نادِر الحدوث لعدّة اسباب؛ أهمّها رقمنة التّعليم، والاتجاهات العالمية نحو استخدام أدوات التعلّم الحديثة بأنواعها المُختلِفة بدءًا من أجهزة الحاسوب، مرورًا بالألواح الذكيّة ، انتِهاءًا بأجهزة الهواتف الخلويّة، وكلّنا نعلم أن واحدة من بين هذه الأدوات على الأقلّ مُتاحة اليوم في يدّ كل انسان أردني بغضّ النّظر عن فِئته العمريّة، وحالته الماديّة، وطبقتِه الإجتِماعيّة.
أما السبب الثاني برأيي فهو ضعف ثقافة القراءة في مجتمعنا ،وعدم إعتياد الأطفال على فِكرة وجود الكِتاب في حياتهم ، حيث من المعروف أن القراءة عادة ينشأ عليها الطّفل في بيته ابتداءًا ، فالأطفال يُقلّدون آباءهم في كثير من السلوكات الجيّد منها والسّيىء ، مثل عادة التّدخين ، أو عادة مُمارسة رياضة مُعيّنة وعادات أخرى مختلفة، والقراءة للأسف ليست من العادات الأردنيّة . أما السبب الثالث فهو أن أغلب مدارسنا اليوم لم تعُد تهتمّ كفاية بتنمية مهارات القراءة لدى الطّلبة.
عندما كنت طالبة في المدرسة كان لدينا حصّة (مكتبة) اسبوعية في المرحلة الابتدائيّة ، وكان مطلوبًا منّا أن نقرأ كتابين على الأقلّ في الشّهر ونقدّم عنهما مُلخّصًا ؛ ولا شكّ في أن الأدوات الحداثيّة قد اضعفت مهارات القراءة والكتابة لدي الجيل الجديد لا أُنكِر ، فقلّما نجد شاب أو صبيّة اليوم في مكان عام يقرأون كتابًا ، في حين نجدهم يملأون مقاهي الأنترنت مع حواسيبهم يغوصون في شاشاتها ، وشاشات هواتفهم الذكيّة ، لكن هل يقرأون شيئًا ذو قيمة ! هل يرفِدون عقولهم بالمعرفة المُفيدة والمُثمِرة !! لا أعرِف ، لكنّي على يقين من أن الغرب المُخترِع لهذه الأدوات الحداثيّة ، والّتي يُصدّرها للعالم بالمليارات لم يرضخ لها مِثْلنا ولم تُغنيه عن عادة القراءة ،ويمكن ملاحظة هذا الأمر بوضوح في الدّول الغربيّة الّتي نزورها كلّما سنحت لنا الفُرصة ، فمازلت ألاحِظ صبيّة في موقِف الباص العمومي تحمِل كتابًا وهي تنتظر ، وشابّا يانِعًا يقرأ كتابًا في القِطار أو في المترو ، ومشهد متكرّر كثيرًا عندهم أن تجِد رجلًا أو امرأة يجلِسون في أحد المقاهي لشُرب القهوة الصّباحيّة برِفقة كِتاب أو صحيفة.
فهل يُمكننا أن نقول بأن معرض الكِتاب الّذي عُقد في عمّان مؤخّرًا قد أعاد للكِتاب قيمته وللعقل الأردني صحوته نحو إحياء عادة القراءة! أم أن هذا الإقبال كان مجرّد نشاطًا ترفيهيّا لتمضية عطلة نهاية أسبوع أقلّ كُلفة، وأخفّ ضغطًا على الأهالي !! ولو أن السّؤال الّذي أبحثُ له عن إجابة هو : ما أكثر أنواع الكُتب مبيعًا خلال أيام المعرض ،الكتب الفِكريّة، أم الكتب الفلسفيّة، أم كتب الأدب و الرواية والقصّة، أم كتب العلوم البَحتة ، أم الكُتب الدينيّة، وكتب فنون الطّبخ ، والتّجميل وقصص الأطفال !!
فالاجابة على هذا السّؤال ستُمكّننا من إدراك ما إن كان ثمّة تغيير قد طرأ على مخزونِنا الثّقافي ، والفِكري.
اكتشاف المزيد من أخبار معارض الكتب
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.